هديُ القرءان

سورة يس ج15

-

Share selected track on FacebookShare selected track on TwitterShare selected track on Google PlusShare selected track on LinkedInShare selected track on DeliciousShare selected track on MySpace
Download

الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمين لهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَن

صَلَوَاتُ اللهِ البَرّ الرَّحيم والملائِكَةِ الْمُقرَّبينَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أشْرَفِ الـمُرسَلِين وحَبِيبِ رَبّ العَالمين

وعلى جميعِ إخوانِهِ مِنَ النّبيينَ والـمُرسَلِين وَءَالِ كُلٍّ والصَّالِحين وسلامُ اللهِ عليهم أجمعين

 

يقولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ﴿أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الخَلَّاقُ العَلِيمُ {81} إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ {82} فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِ شَىْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {83}﴾[1]

إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقولُ

﴿أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم﴾ قَالَ ابنُ الجُوْزِيّ فِي تَفْسِيرِه "وَهَذَا استِفْهَامُ تَقرِير والـمَعْنَى من قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ العظِيم قَدَرَ عَلَى هَذَا اليَسِير أَوْ أَنْ يُعِيدَهُم لِأنَّ الـمُعَادَ مِثْلٌ لِلمُبْتَدأ"

﴿بَلَى﴾ أَيْ قُلْ بَلَى، هُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِك

﴿وَهُوَ الخَلَّاقُ﴾ الكَثِيرُ الـمَخْلُوقَات

﴿العَلِيمُ﴾ الكَثِيرُ الـمَعْلُومَات

﴿إِنَّمَآ أَمْرُهُ﴾ شَأْنُه

﴿إِذَآ أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ أَنْ يُكَوّنَهُ فَيَكُون فَيَحْدُث أَي فَهُوَ كَائِنٌ مَوْجْودٌ لَا مَحَالَة. فَالحَاصِلُ أَنَّ الـمُكَوَّنَاتِ بتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِنِه وَلَكِن عَبَّرَ عَن إِيجَادِهِ بِقَوْلِهِ ﴿كُنمِنْ غَيْرِ أَنْ كَانَ مِنْهُ كَافٌ وَنُون وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِسُرْعَةِ الإيجَاد كَأَنَّهُ يَقُول كَمَا لَا يَثْقُلُ قَوْلُ كُنْ عَلَيْكُم فَكَذَا لَا يَثْقُلُ عَلَى اللهِ ابْتِدَاءُ الخَلْقِ وَإِعَادَتُهُم

﴿فَسُبْحَانَ﴾ تَنْزِيهٌ مِمَّا وَصَفَهُ بِهِ الـمُشْرِكُون وَتَعجِيبٌ مِن أَنْ يَقُولُوا فِيهِ مَا قَالُوا

﴿الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِ شَىْءٍ﴾ أَيْ مِلْكُ كُلِ شَىْء يَعنِي هُوَ مَالِكُ كُلِ شَىْء

﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ تُعَادُونَ بَعْدَ الـمَوْتِ بِلَا فَوْت.

وَمِمَّا وَرَدَ فِي سُورَةِ يَس مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاودَ وأحْمَد وَالنَّسَائِيُّ وَابنِ حِبَّانَ وَغَيْرُهُم مِنْ حَدِيثِ مَعْقِل بنِ يَسَار "يَس قَلْبُ القُرْءَان لَا يَقْرَأُهَا رَجُلٌ يُرِيدَ اللهَ وَالدَّارَ الآخِرَةَ إِلَّا غَفَرَ لَه إِقْرَؤهَا عَلَى مَوتَاكُم" وَمَا أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ والطَّبَرَانِيُّ مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة "مَن قَرَأ يَس فِي لَيْلَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ تَعَالَى غُفِرَ لَه". وَأَمَّا حَدِيثُ "مَن دَامَ عَلَى قِرَاءَةِ يَس كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدًا" فَلَا يَنبَغِي أَنْ يُروَى. وَأَمَّا حَدِيث "إِقْرَؤا عَلَى مَوْتَاكُم يَس" فَبَعْضُهُم صَحَّحَهُ وَبَعْضُهُم ضَعَّفَهُ رَوَاهُ الطَّيَالِيسِيُّ وَأَحْمَدُ وَابنُ مَاجَة وَالبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالحَاكِمُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائيّ وَابنُ حِبَّان وَصَحَّحَه. وَفِي هَذَا الحَدِيثِ رَدٌّ صَرِيحٌ عَلَى مَنْ يُنْكِرُ قِرَاءَةَ القُرْءَانِ عَلَى الـمَيِّت فَإنْ قَالُوا هَذَا الحَدِيثُ ضَعِيف قُلْنَا قَدْ نَصَّ عُلَمَاءُ الـمُصْطَلَحِ فِي كُتُبِهِم عَلَى أَنَّ الضَّعِيفَ يُعمَلُ بِهِ فِي الفَضَائِل وَقِرَاءَةُ القُرْءَانِ مِنَ الفَضَائِلِ وَأَيُّ فَضَائِل، وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِك فَقَدْ صَحَّحَهُ ابنُ حِبَّان فَلَا حُجَّةَ لَكُم. وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابنُ حَيَّان فِي فَضَائِلِهِ مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ "مَا مِنْ مَيّتٍ يَمُوتُ فَيُقْرَأُ عِنْدَهُ يَس إِلَّا هَوَّنَ اللهُ عَلَيْه" وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِن يُعْمَلُ بِه. وَأَخْرَجَ الـمَحَامِلِيُّ فِي أَمَالِيّهِ مِن حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُبَيْر "مَنْ جَعَلَ يَس أَمَامَ حَاجَةٍ قُضِيَت لَه" وَلَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ عِنْدَ الدَّارِمِيّ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِن يُعْمَلُ بِه. وَفِي الـمُسْتَدْرَكِ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ قال "مَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ قَسْوَةً فَليَكتُب يَس فِي جَامٍ بِمَاءِ وَرْدٍ وَزَعْفَرَان ثُمَّ يَشْرَبُه". وَأَخْرَجَ ابنُ الضُّرَيْسِ عَن سَعِيدِ بنِ جُبَيْر أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى رَجُلٍ مَجْنُون سُورَةَ يَس فَبَرِأَ وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَن يَحْيَ بنِ أَبِي كَثِير قَالَ "مَن قَرَأَ يَس إِذَا أَصْبَحَ لَمْ يَزَل فِي فَرَحٍ حَتَّى يُمْسِي وَمَن قَرَأهَا إِذَا أَمْسَى لَمْ يَزَل فِي فَرَحٍ حَتَّى يُصْبِح، أَخْبَرَنَا مَن جَرَّبَ ذَلِك" وَهَذا ضَعِيفٌ لَكِن يُعْمَل بِه. وَأَمَّا هَذِهِ الكَلِمَةُ الشَّائِعَة "يَس لِمَا قُرِأَت لَه" فَهِيَ مِن جَمَاعَةِ الشَّيْخ إسْمَاعِيل الجَبَرتِيّ اليَمَنِيّ كَانُوا يَشْتَغِلُونَ بِهَا لِحَاجَاتِهِم  ثُمَّ جَعَلَهَا بَعْضُ النَّاسِ حَدِيثًا نَبَوِيًّا. وَقِرَاءَةُ هَذِهِ السُّورة قِرَاءَةً صَحِيحَةً أَربَعِينَ مَرَّة مِنَ الـمُجَرَّبَاتِ لِقَضَاءِ الحَوَائِجِ وَشِفَاءِ الـمَرضَى إِمَّا أنْ يَقْرَأَ وَاحِدٌ أَوْ أَكثَرُ مِن وَاحِد. وَفِي بَعْضِ النَّوَاحِي كَانَ يَجْتَمِعُ أَرْبَعُونَ شَخْصًا مِمَّن يُحسِنُونَ القِرَاءَةَ فَيُأتَى بَالـمَرِيض فَيَقْرَؤنَ جَمَاعَةً سُورَةَ يَس بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ لِوَجْهِ الله فَيَتَعَافَى الـمَرِيضُ بِإذْنِ الله. وَأَمَّا مَا يَرْويهِ بَعْضُهُم حَدِيثًا عَن رَسُولِ اللهِ مِمَّا لَا أَصْلَ لَهُ "إِنَّ لِكُلِ شَىءٍ قَلْبا وَإِنَّ قَلْبَ القُرْءَانِ يَس مَنْ قَرَأَ يَس يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ الله غَفَرَ اللهُ لَهُ وَأُعْطِيَ مِنَ الأجْرِ كَأَنَّــمَا قَرَأَ القُرْءَانَ اثنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ مَرَّة" فَهَذَا الحَدِيثُ لَيْسَ لَهُ أَصل وَكَذَلِكَ حَدِيث "مَن قَرَأَهَا إِنْ كَانَ جَائِعًا أَشْبَعَهُ الله وَإِنْ كَانَ ظَمْآنًا أَرْوَاهُ الله وَإنْ كَانَ عُريَانًا أَلبَسَهُ الله وَإِنْ كَانَ خَائِفًا أَمَّنَهُ الله وَإِنْ كَانَ مُسْتَوْحِشًا ءَانَسَهُ الله وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَغْنَاهُ الله وَإِنْ كَانَ فِي السِجْنِ أَخْرَجَهُ الله وَإِنْ كَانَ أَسِيرًا خَلَّصَهُ الله وَإِنْ كَانَ ضَالًّا هَدَاهُ الله وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا قَضَى اللهُ دَيْنَهُ مِن خَزَائِنِه" لَيْسَ لَهُ أَصل. وَمَا يُذْكَرُ مِن أَنَّ "سُورَةَ يَس تُدْعَى الدَّافِعَةَ وَالقَاضِيَة تَدْفَعُ عَنْهُ كُلَّ سُؤ وَتَقْضِي لَهُ كُلَّ حَاجَةٍ" كُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَصل

وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمين، رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَة وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ النَّار

وَانفَعْنَا بِبَرَكَةِ سُورَةِ يَس يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين وَءَاخِرُ دَعْوَانَا أنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالمِين


[1]  سورة يس